الإخوان يستغلون الظرف الإقليمي لفرض مخططاتهم الإرهابية

ضربة جديدة وجهتها الأجهزة الأمنية الأردنية لتنظيم الإخوان بإحباط أحدث مخططاته الهادفة إلى زعزعة أمن البلاد.
وأعلن الأردن أمس إحباط مخططات “تهدف إلى المساس بالأمن الوطني”، شملت “تصنيع صواريخ وحيازة مواد متفجرة”، مع توقيف 16 شخصًا متورطين فيها، من بينهم أعضاء في تنظيم الإخوان.
وفيما يُعد توقيت هذا المخطط مفصليًا وسط ظروف إقليمية دقيقة وتوترات محلية متراكمة، يُحذر خبراء ومحللون سياسيون من أن هذا المخطط ليس مجرد حادثة عابرة، بل مؤشر على نوايا متجددة لقوى تسعى لاستغلال اللحظات الحرجة إقليميا لإعادة فرض مشروعها السياسي عبر الفوضى والتحريض.
وأشار المحللون الذين تحدثت إليهم “العين الإخبارية” إلى أن هذا المخطط له أبعاده ودلالاته، وردود الفعل الرسمية والشعبية حياله، ولماذا اختار هذا التوقيت الحرج الذي تمر به المنطقة ككل.
أجندة خاصة للجماعة
من جانبه، اعتبر عضو مجلس النواب الأردني، الدكتور إسماعيل المشاقبة، أن ما حدث يدل على وجود أجندة خاصة لجماعة الإخوان التي تريد زعزعة أمن المملكة الأردنية الهاشمية.
وقال المشاقبة لـ”العين الإخبارية” إن المملكة ستضرب بيد من حديد على أي مجموعة تخرج عن القانون، لافتًا إلى أن الحكومة والأجهزة الأمنية، التي تراقب هذا الملف منذ عام 2021، تتعامل معه بحسم باعتباره ملفًا أمنيًا بامتياز.
وعن الهدف من هذا المخطط، أضاف المشاقبة أن “هؤلاء الخارجين عن القانون لهم مآرب أخرى واتصالات وأجندات خارجية، وربما يكون النظام الإيراني أحد الداعمين له لإثارة الفوضى وتفكيك المملكة الأردنية”، مشيرًا إلى أن تهديد أمن المنطقة هو مخطط سابق لتلك الجماعة التي تستغل العزف على وتر قضايا الأمة مثل غزة.
ضرب أمن الدولة من الداخل
بدوره، قال الأستاذ في العلوم السياسية والدراسات الاستراتيجية، الدكتور حسن الدعجة، إن إحباط المخطط الإرهابي المنسوب لجماعة الإخوان، كما تم الإعلان عنه، يطرح عدة مؤشرات خطيرة تستحق التوقف عندها، سواء من حيث الجهة المتورطة أو أهدافها أو توقيت تنفيذها.
وأضاف الدعجة لـ”العين الإخبارية” أن هدف الإخوان من وراء هذا المخطط، كما في تجارب سابقة، هو إعادة إنتاج مشروعهم السياسي عبر بوابة الفوضى وزعزعة الاستقرار.
وأشار إلى أنه من اللافت أن المخطط استهدف الأردن تحديدًا، وليس أي طرف خارجي، ما يكشف بوضوح أن الأولوية لدى هذه الجماعة ليست قضايا الأمة كما تدّعي، بل ضرب أمن الدولة الأردنية من الداخل.
وأوضح أن الادعاء بدعم قضايا مثل فلسطين وغزة لا يعدو كونه غطاءً دعائيًا، بينما التحركات الفعلية تُظهر نية لإشعال الساحة الأردنية وتحويلها إلى منصة للفوضى، سواء عبر التحريض السياسي أو التنظيمات النائمة التي تتحرك في الظل.
وأكد أن استهداف الأردن في هذا التوقيت الحساس يؤكد أن الخطر الحقيقي ليس من الخارج فقط، بل من جهات داخلية تتستر بشعارات كبرى لتخفي مشروعًا خاصًا يتعارض مع أمن واستقرار البلاد.
التوقيت ليس عبثيًا
واعتبر الدعجة أن الكشف عن هذا المخطط في هذا التوقيت ليس عبثيًا، فهو يأتي في لحظة إقليمية دقيقة، تتداخل فيها الضغوط الاقتصادية، والحالة الشعبية المتوترة، مع حالة استقطاب سياسي داخلي، مؤكدًا أن الهدف من هذا التحرك هو استغلال هذه اللحظة الدقيقة لإحداث اختراق داخلي يعيد الجماعة إلى المشهد، لا كفاعل سياسي مشروع، بل كعنصر فوضوي.
وأكد أن التوقيت يحمل رسالة واضحة، وهي أن هناك من يراهن على اهتزاز الجبهة الداخلية الأردنية، ويظن أن لحظة الإرباك هي اللحظة المناسبة لضرب الدولة، سواء من خلال التشكيك بالمؤسسات أو محاولة زعزعة الثقة بالقيادة.
وقال: “ما حدث بالأمس يؤكد أن أمن الأردن ليس موضوعًا سهلاً، وأن محاولات اختراقه فاشلة، وأن هناك جهات – مثل جماعة الإخوان – لم تتخلّ عن طموحاتها غير الوطنية، وأن مواجهة هذا الخطر تتطلب الوعي الشعبي أولاً، ودعم الدولة في تحصين الداخل سياسيًا وأمنيًا، وعدم السماح بتحويل القضايا الكبرى إلى مبرر للفوضى أو وسيلة لتمرير مشاريع خفية”.
مسار مختلف أشد قسوة
أما المحلل السياسي الأردني حمزة العكايلة، فأكد أن الأردن طالما كان مستهدفًا من تنظيمات إرهابية خلال العقدين الماضيين، وتمكن جهاز المخابرات الأردني من إحباطها بمهنية واحترافية عالية، مشيرًا إلى أنه جهاز مشهود له بالكفاءة والخبرة على المستوى الدولي.
وقال العكايلة لـ”العين الإخبارية” إن اعتراف المتورطين في المخطط بالانتماء لجماعة الإخوان يؤكد أن الجماعة تسعى لتعريض أمن وسلامة البلاد للخطر، حيث تم تجهيز صواريخ، وإخفاء صاروخ آخر جاهز، وتصنيع أسلحة ومواد متفجرة خطرة، والتجنيد، وتصنيع الطائرات المسيّرة.
وأضاف العكايلة أن كل هذا المخطط، الذي جرى تمويله من الخارج وتدريبه في لبنان، كان مسرحه وهدفه الأراضي الأردنية، التي طالما كانت مثلاً في الاعتدال والتسامح، ووقفت على مسافة واحدة من مختلف التيارات السياسية.
وتابع قائلًا: “لكن المتورطين في القضية من تيار الإخوان المسلمين برهنوا أن مرادهم ومساعيهم يتجاوز حدود الدستور والدولة، وهذا أمر لا تقبل به الدولة الأردنية، وستقوم بخطوات حازمة في الأيام المقبلة تلجم فيها كل من فهم عقلانية الدولة بمنظور خاطئ”.
وأضاف أن “التسامح لا يعني الضعف، ومن أخطأ سوف يلقى الحساب من الأردنيين الذين يرفضون المساس بأمنهم وبلدهم، ومن بعدهم من أجهزة ومؤسسات وقضاء الدولة النزيه الذي لن يظلم أحدًا، بل من تجرأ على حرمة وثوابت وأمن البلاد هو الظالم المعتدي”.
وتوقع العكايلة أن “يأخذ شكل العلاقة بين الدولة الأردنية وجماعة الإخوان مسارًا مختلفًا في الفترة المقبلة وتحولًا جذريًا، حيث إن هناك مطالب من عديد القوى والتيارات السياسية والحزبية والشعبية بموقف وقرار حازم من الدولة، وهو ما سيحدث قريبًا”.
aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز