تقنية

إخوان تونس و«التآمر».. خبيران يتعقبان لـ«العين الإخبارية» خيوط «بيت العنكبوت»


أدانتهم الأدلة فأحبطت مؤامرة كان الهدف منها العودة إلى الحكم من بوابة الفوضى، فكانت النتيجة أحكام قضائية حسمت ملفا شائكا.

هذا ما يراه خبيران تونسيان في تعقيبهما على الأحكام الصادرة بحق نحو 40 شخصا، من الإخوان وحلفائهم والموالين لهم، عقب إدانتهم بـ”التآمر على أمن الدولة”.

وقضت المحكمة الابتدائية يتونس بالسجن النافذ ما بين 13 و66 عاما على المتهمين، وأدينوا بدرجات متفاوتة بتهم أبرزها “التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي” و”تكوين وفاق إرهابي له علاقة بالجرائم الإرهابية والانضمام إليه”.

ومن بين المحكوم عليهم شخصيات بارزة من حركة «النهضة» الإخوانية، مثل نور الدين البحيري وقيادي إخواني من الصف الأول ووزير العدل الأسبق، حيث حكم عليه بالسجن لـ43 عاما.

وأيضا عبد الحميد الجلاصي، وهو أيضا قيادي بارز سابق في الحركة، وحكم عليه بالسجن لمدة 13 عاما.

كما حُكم بالسجن 18 عاما على عصام الشابي، وهو قيادي بـ«جبهة التحالف» الموالية للإخوان، ومثلها بحق القيادي بالجبهة أيضا جوهر بن مبارك وغيرهم.

أما الزعيم السابق لحزب التكتّل (اشتراكي ديمقراطي) خيام التركي، فقد حكم عليه بالسجن 48 عاما، في حين صدر أقسى حكم بالسجن 66 عاما في حقّ رجل الأعمال الواسع النفوذ كمال اللطيف.

«في حجم المؤامرة»

يرى مراقبون للمشهد السياسي التونسي أن الأحكام التي أصدرها القضاء بحق قيادات الإخوان وحلفائهم والموالين لهم «كانت في حجم خيانتهم».

ويقول المحلل السياسي التونسي حسن التميمي إن «جميع الأدلة أدانت قيادات التنظيم وحلفائهم الذين حاولوا في فبراير (شباط) 2023، الانقلاب على نظام قيس سعيد».

وأوضح التميمي أن «التحقيقات أثبتت أن المخطط التآمري كان متكاملا، حيث تم التخطيط للإطاحة بقيس سعيد بالتعاون مع أشخاص من داخل القصر الرئاسي بقرطاج، وخططوا للانتقال من سلطة إلى أخرى وتعيين مرشح الإخوان لرئاسة الحكومة سنة 2019 رئيسا للبلاد»، في إشارة لخيام التركي.

وبحسب الخبير، فإن «هذه القيادات وعلى رأسها نور الدين البحيري نائب رئيس حركة النهضة (إخوانية) كانت تهدف للإطاحة بالنظام».

وأضاف أنها «قامت باستمالة أطراف أجنبية دبلوماسية وحاولت التواصل مع الجيش التونسي وناقشت إمكانية التأثير على الجيش للانقلاب، لكن محاولاتهم باءت بالفشل وجرى تتبع جميع المتورطين وأبلغ الجيش الرئيس قيس سعيد بكل تحركاتهم».

وشدد على أن «الدولة التونسية وقضاءها بالمرصاد لأي مخططات تآمرية تهدف لإعادة تنظيم الإخوان للحكم»، قائلا إن «كل من سيفكر مستقبلا في التآمر وضرب أمن واسقرار الشعب التونسي فستكون هذه نهايته».

خيوط

من جهته، قال الناشط والمحلل السياسي التونسي عبد الكريم المحمودي إن «هذه الأحكام كانت منتظرة لحجم خيانات التنظيم وحلفائه».

وأضاف المحمودي، في حديث لـ«العين الإخبارية»،  أن «المخطط الذي يتضمن الانقلاب وما بعد الانقلاب يتضمن عدة نقاط».

وموضحا أن ما تقدم كان سيجري عبر «تجريد الرئيس الحالي من الشرعية الدستورية من خلال ادعاء عجزه عن أداء مهامه ثم الإعلان عن نهاية فترة حكمه ونهاية العمل بالإجراءات الاستثنائية والعودة إلى دستور  الإخوان لسنة 2014».

والتدابير الاستثنائية أطلقها الرئيس التونسي قيس سعيد في 25 يوليو/ تموز 2021، حين جمد عمل البرلمان الذي كان يهيمن عليه الإخوان وأقال رئيس الحكومة الموالي لهم، مطلقا بذلك مسارا إصلاحيا انتهى لاحقا بحل البرلمان.

ووفق المحمودي، فقد كان المخطط يشمل لاحقا «إعلام رئيس البرلمان السابق راشد الغنوشي بالقرار ومسبباته ودعوة المجلس إلى الانعقاد وإعلامهم بأنه يتعذر عليه قبول مهمة إدارة البلاد».

وبالتالي، يتابع الخبير، «تتولى سميرة الشواشي المهمة أو استقالة رئيس البرلمان وانتخاب قيادة جديدة تتولى مهمة رئاسة الجمهورية ثم يتوجه من يتسلم مهام رئاسة الجمهورية بخطاب إلى الشعب التونسي».

والشواشي كانت حينها تتقلد منصب النائب الأول لرئيس البرلمان أي الغنوشي، وبحسب ما قاله المحمودي، فإن المخطط كان يقضي بأن تتولى هي الرئاسة بدلا عن الغنوشي.

وبحسب الدستور التونسي في ذلك العهد، فإنه إذا تجاوز الشغور الرئاسي ستين يوما، أو في حالة تقديم الرئيس استقالته كتابة إلى المحكمة الدستورية، أو في حالة الوفاة، أو العجز الدائم، أو لأي سبب آخر من أسباب الشغور النهائي، تجتمع المحكمة الدستورية فورا وتقرر الشغور النهائي، وتبلغ ذلك إلى رئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان)، الذي يتولى فورا مهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة لأجل أدناه 45 يوما وأقصاه تسعون يوما.

همزة وصل مع الإرهاب

وفي حديثه، أشار المحمودي إلى أنه «في بداية يناير/ كانون الثاني 2023، حاولت قيادات الإخوان وحلفاؤهم ربط الصلة بمنظمات إرهابية».

كما «حاولوا استمالة أطراف دبلوماسية، وناقشوا فيما بينهم إمكانية إيجاد قنوات تواصل مع الجيش واستقطاب قيادات عسكريّة لتنفيذ الانقلاب الذي خططوا له بهدف قلب نظام الحكم وإسقاط الدولة ومؤسساتها».

ولفت إلى أن جميع مخططاتهم فشلت، وذلك بفضل جاهزية الأمن التونسي وفطنة الجيش التونسي.

وأثبتت عملية تتبع قيادات الإخوان ومراقبة هواتف الموقوفين تورطهم في قضية “التآمر على أمن الدولة” التونسية، بهدف إعادة الجماعة للحكم، عبر تشكيل حكومة جديدة والعودة للعمل بدستور 2014 الذي صاغته وتوقف العمل به في العام 2022.

وتعود القضية إلى فبراير/ شباط 2023، عندما اعتقلت السلطات التونسية مجموعة من السياسيين البارزين، بينهم السياسي خيام التركي (حزب التكتل/ ديمقراطي اشتراكي)، وعبدالحميد الجلاصي القيادي في الإخوان، ونور الدين البحيري وزير العدل الأسبق ونائب رئيس حركة النهضة (إخوانية).

كما اعتقلت أيضا كمال اللطيف رجل الأعمال التونسي، وسامي الهيشري المدير العام السابق للأمن الوطني، وفوزي الفقيه رجل الأعمال الشهير. وتهمة جميع هؤلاء “التآمر على أمن الدولة”.

ووفق التحقيقات، فإن المتهمين حاولوا في 27 يناير/كانون الثاني 2023، الانقلاب على الحكم عن طريق تأجيج الوضع الاجتماعي وإثارة الفوضى ليلا، مستغلين بعض الأطراف داخل القصر الرئاسي.

إلا أن قوات الأمن والاستخبارات التونسية تمكنت من إفشال هذا المخطط عن طريق تتبع مكالماتهم واتصالاتهم وخطواتهم، ليتبين أن خيام التركي، وهو الشخصية التي أجمع عليها الإخوان لخلافة قيس سعيد، حيث كان حلقة الوصل بين أطراف المخطط.

والتقت قيادات إخوانية في منزل خيام التركي، الناشط السياسي ومرشح الإخوان للحكومة سنة 2019، رفقة كمال لطيف رجل الأعمال المعروف بـ”رجل الدسائس” ودبلوماسيين ورجال أعمال آخرين، بالضاحية الشمالية بسيدي بوسعيد.

وتورط في هذه القضية سياسيون ورجال أعمال وإعلاميين وحتى دبلوماسيين، كما تم تسجيل مكالمات هاتفية مع أطراف في القصر الرئاسي بقرطاج من أجل “إسقاط النظام”.

فيما خططت هذه المجموعة لتحريك الشارع بداعي رفع الأسعار والتحكم في المواد الغذائية.

aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى