ثغرات في درع بريطانيا.. 3 أزمات تهدد استراتيجية ستارمر الدفاعية

في استراتيجية رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الدفاعية، بدت وعود القوة جوفاء في ظل نقص الأموال والقوات اللازمة لمواجهة التهديد الروسي.
لعقود من الزمن، أرادت السياسة الدفاعية البريطانية تحقيق الغاية دون الوسيلة فألقى رؤساء الوزراء خطابات حماسية، مليئة بالوعود بتعزيز القوات المسلحة، ولكن دون توضيح كيفية تمويل برامجها.
وجاءت المراجعة الدفاعية التي أعلنها أمس ستارمر حافلة بعبارات فخمة مثل “أمة مستعدة للقتال ومسلحة” ولكن دون تخصيص أموال جديدة وذلك وفقا لما ذكرته صحيفة “تلغراف” البريطانية.
ولم يستطع ستارمر إلا أن يعيد التأكيد على تعهده الحالي بإنفاق 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع بحلول عام 2027، مع “طموح” للوصول إلى 3% بحلول عام 2034.
ويمكن تلخيص الإجابة عن سؤال ما الذي كان ينبغي فعله؟ في 3 كلمات هي المال، والحشد، والطائرات المسيرة.
المال
أولاً وقبل كل شيء، كان ينبغي على ستارمر الالتزام بإنفاق 3% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع بحلول عام 2029 بما ينسجم مع الإجماع الأوروبي.
وحاليا، تتعامل كل دولة عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) على حدود روسيا مع نسبة 3% كحد أدنى للإنفاق الدفاعي حيث تنفق بولندا بالفعل أكثر من 4% وتعتزم أن تتجاوز النسبة إلى 5% العام المقبل في حين تنفق إستونيا ولاتفيا وليتوانيا أكثر من 3% وتتجه نحو 5%، بينما تهدف فنلندا إلى الوصول إلى 3% بحلول عام 2029.
ومع ذلك، لم تُعرب بريطانيا عن “طموحها” لتحقيق هذا الهدف إلا بعد خمس سنوات مما يطرح سؤالا بشأن افتراضات الحكومة حول المسار العسكري الروسي، خاصة بعد تحذيرات ألمانيا من أن موسكو قد تكون مستعدة لضرب أي دولة عضو في الناتو بحلول 2029.
وإذا صح هذا التقييم فلن يكون للاستعداد بحلول 2034 أي فائدة لذا كان على ستارمر أن يضع مسارًا واضحًا للوصول إلى 3% بحلول 2029، مع تفصيل سنوي لالتزامات الإنفاق.
الحشد
من أوضح الدروس المستفادة من حرب أوكرانيا أن الأعداد مهمة فلا يمكن لأي قدر من التكنولوجيا المتقدمة أو القدرات السيبرانية أن يعوض الخسائر البشرية الفادحة لأي حرب عالية الكثافة.
ومن المثير للدهشة أن دولة يبلغ عدد سكانها حوالي 70 مليون نسمة تكافح للحفاظ على جيش قوامه 82 ألف جندي فقط وهو الهدف المتواضع الذي حددته مراجعة الدفاع لعام 2015 في حين انخفض العدد اليوم، إلى أقل من 73 ألف جندي، ويستمر في الانخفاض في المقابل، يُجنّد الجيش الروسي حوالي 30 ألف جندي جديد شهريًا.
ولو كانت حكومة ستارمر جادة، لبذلت كل ما في وسعها لتنمية الجيش بدءًا من المدارس والجامعات، التي ينبغي أن تدعم المهن العسكرية بفخر كغيرها.
وعلى الرغم من الحديث عن “نهج يشمل المجتمع بأكمله”، أكد وزير الدفاع جون هيلي أمس الإثنين أن أعداد الجيش لن ترتفع إلا بعد 4 سنوات.
ويعد الفشل في بذل كل ما يلزم لتوسيع الجيش النظامي، مخاطرة من الحكومة حيث تعطي انطباعا بأنها تجاهلت درسًا رئيسيًا من حرب أوكرانيا، وأنها لا تزال تقلل من أهمية العدد الكبير.
ولا ينطبق العدد الكبير على الجيش فقط بل يمتد للغواصات فمن المقرر أن تبني بريطانيا ما يصل إلى 12 غواصة هجومية جديدة تعمل بالطاقة النووية لتحل محل فئة “أستوت” الحالية بحلول نهاية ثلاثينيات القرن الـ21.
ورغم أنها أخبار جيدة إلا أن العبارة الموجزة كاشفة حيث تستخدم الحكومات عبارة “حتى” عندما تعلم أنها لن تبني العدد الأقصى، لكنها تريد أن تعطي انطباعًا بأنها قد تفعل ذلك.
الطائرات المسيّرة
مؤخرا، شلّت أوكرانيا الجزء الجوي من الترسانة النووية الروسية بإرسال أسراب من المسيرات لتدمير القاذفات الروسية في قواعدها وفي وقت سابق، شلّّت أسطول البحر الأسود الروسي وأجبرته على الانسحاب من ميناء سيفاستوبول بواسطة طائرات مسيّرة بحرية ذاتية التشغيل.
وعلى خط المواجهة، أصبحت المسيّرات هي القاتل الأكبر فهي تطارد الجنود وتجعل من المستحيل على أيٍّ من الجانبين نشر دبابات القتال الرئيسية أو ناقلات الجند المدرعة.
والدرس الواضح من هذه الحرب هو حاجة بريطانيا للمزيد من المسيرات حتى تتمكن من محاربة روسيا وبالفعل صرح هيلي بأن بلاده “ستُضاعف استثماراتها في الأنظمة الذاتية” و”ستتعلم دروس أوكرانيا” لتركز بشكل أكبر على التكنولوجيا العالية.
وستكون حاملات الطائرات البريطانية الأولى في أوروبا التي تُبحر بـ”أجنحة جوية هجينة” تجمع بين الطائرات المأهولة وغير المأهولة.
وسيُشغّل سلاح الجو الملكي البريطاني بشكلٍ متزايد “مقاتلات ذاتية القيادة” إلى جانب طائراته من طراز تايفون وإف-35، القادرة على “الدفاع عن سماء بريطانيا وضرب أي مكان في العالم”.
وقد تكون هذه الأخبار جيدة إلى حد ما لكنها تدخل في إطار الإعلانات الكبرى دون تمويل جديد، وفق الصحيفة.
aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA==
جزيرة ام اند امز