تقنية

برلين تحفر في «أعماق الخوف».. خطة ملاجئ لعصر الحرب


بين أروقة أنفاق المترو وأقبية الأبنية العامة، تُعيد ألمانيا التفكير في أمنها الداخلي كما لم تفعل منذ نهاية الحرب الباردة، فلم يعد سيناريو الحرب مجرد فرضية بعيدة، بل هاجس يتسلل إلى صلب السياسات الألمانية.


في مواجهة هذا الواقع المتقلب، تشرع برلين في خطة غير مسبوقة لتجديد شبكة ملاجئها العامة وتوسيع قدراتها الدفاعية المدنية، مدفوعةً بقلق متصاعد من هشاشة الاستعدادات في أكبر اقتصاد أوروبي.

فماذا فعلت؟

تعتزم ألمانيا تنفيذ خطة طموحة لتوسيع شبكة المخابئ والملاجئ العامة خشية وقوع هجوم روسي خلال السنوات الأربع المقبلة.

جاء هذا الإعلان على لسان رالف تيزلر، رئيس المكتب الفيدرالي للحماية المدنية والمساعدة في الكوارث، الذي أكد أن ألمانيا – رغم كونها أكبر اقتصاد في أوروبا – ليست مستعدة حاليًا بما يكفي لمواجهة نزاع عسكري واسع النطاق.

وأوضح تيزلر أن النظرة التقليدية السائدة في ألمانيا، والتي كانت تعتبر الحرب سيناريو غير محتمل أو بعيدًا، قد تغيرت بشكل جذري، خاصة مع تصاعد التوترات الأمنية في المنطقة، وفقا لصحيفة الجارديان البريطانية.

ودعا تيزلر إلى ضرورة إطلاق خطة وطنية شاملة تهدف إلى تحويل البنى التحتية القائمة، مثل أنفاق المترو ومحطات القطارات والمرائب وأقبية المباني العامة، إلى ملاجئ وقائية يمكنها استيعاب نحو مليون شخص بسرعة.

وأشار إلى أن الاعتماد فقط على بناء مرافق جديدة غير كافٍ، بسبب الوقت الطويل الذي تستغرقه عمليات التخطيط والبناء، بالإضافة إلى التكاليف الباهظة التي تتطلبها هذه المشاريع. لذلك، من الضروري استغلال الهياكل القائمة وتجديدها لتصبح جاهزة للاستخدام في أقرب وقت ممكن.

وأشار تيزلر إلى أن ألمانيا تمتلك حوالي 2000 مخبأ وغرفة حماية متبقية من حقبة الحرب الباردة، لكن فقط حوالي 580 منها صالحة للاستخدام، ومعظمها بحاجة إلى تحديثات مكلفة تصل إلى ملايين اليوروهات.

وتكفي هذه الملاجئ لحماية نحو 480,000 شخص فقط، وهو ما يمثل أقل من نصف بالمئة من إجمالي سكان البلاد الذين يبلغ عددهم حوالي 83 مليون نسمة.

بالمقارنة، تمتلك فنلندا شبكة واسعة من الملاجئ تضم حوالي 50,000 ملجأ، توفر مأوى لما يقرب من 85 في المائة من سكانها، مما يعكس مستوى أعلى بكثير من الاستعداد المدني.

كما شدد تيزلر على أهمية تحديث أنظمة الإنذار والتحذير، بما في ذلك التطبيقات الرقمية ولافتات الطرق وصفارات الإنذار، مع ضرورة تعزيز الحماية الإلكترونية لهذه الأنظمة لمنع تعرضها لهجمات إلكترونية قد تعيق عملها في أوقات الطوارئ.

مواجهة الأزمات

بالإضافة إلى ذلك، اقترح تيزلر إنشاء خدمة حماية مدنية تكون إما إلزامية أو تطوعية، بهدف تعزيز قدرة البلاد على الصمود في مواجهة الأزمات. كما حث المواطنين على تخزين مستلزمات أساسية تكفيهم لمدة 10 أيام على الأقل، مثل المواد الغذائية والمياه، تحسبًا لانقطاع محتمل في الكهرباء أو خدمات المياه.

وأوضح أن حتى تخزين مستلزمات تكفي لمدة 72 ساعة سيكون مفيدًا جدًا في تجاوز الانقطاعات البسيطة التي قد تؤثر على الحياة اليومية.

تأتي هذه الإجراءات في سياق تصاعد المخاوف الأمنية في أوروبا، خاصة بعد الحرب الدائرة في أوكرانيا والهجمات الصاروخية التي تشنها روسيا على المدن الأوكرانية، مما أثار قلق دول الجوار، لا سيما دول البلطيق وبولندا وألمانيا نفسها.

وتؤكد هذه الخطوات على إدراك ألمانيا المتزايد للحاجة إلى تعزيز دفاعاتها المدنية والتكيف مع واقع جيوسياسي متغير يتطلب استعدادًا شاملاً وحقيقيًا لمواجهة التهديدات المحتملة.

aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى