اخبار الامارات

المباني الذكية تعزّز صحة و رفاهية السكان في الإمارات ‹ جريدة الوطن

طلال دبس، الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لشركة “سينكرو” في الإمارات: تشهد المباني تحوّلاً نوعياً باتجاه تعزيز مفاهيم الصحة والعافية ، عبر توفير الهواء النقي وجودة الإضاءة ، بما يدعم التوازن الجسدي والنفسي على حد سواء.

وأظهرت مؤشرات من «Parisima Talent» أن ما يقرب من نصف الموظفين في دولة الإمارات يولون بيئات العمل الصحية أولوية كبيرة، بينما تؤكد بيانات من «Daikin» أن نصف السكان بدأوا باتخاذ خطوات عملية لضمان هواء أنقى.

وبدأ النظر إلى الأبنية من زاوية أعمق وأشمل، حيث لم تعد القيمة تكمن فقط في مدى تقدّمها تقنياً، بل في قدرتها على تعزيز صحة المستخدمين وراحتهم.

وعند التقاء الابتكار الرقمي بمفاهيم الرفاهية، تظهر البنية التحتية الذكية في المباني كلاعب رئيسي قادر على تطوير بيئات أكثر استدامة وتجاوباً مع احتياجات الإنسان المتغيّرة.

وتبرز أهمية الصحة والرفاهية أكثر من أي وقت مضى، حيث يقضي النسبة الأكبر من السكان أوقاتهم داخل أماكن مغلقة. ويدفع ذلك إلى إعادة النظر في أسس تصميم وتشغيل المساحات، بحيث تتجاوز الاعتبارات التقليدية إلى ممارسات أكثر تركيزاً على جودة الحياة.

إن مخاطر ضعف التهوية وشُح الإضاءة الطبيعية وارتفاع الضوضاء لم تعد أموراً هامشية، بل عناصر أساسية تؤثر مباشرة على الإنتاجية والراحة.

هنا يكمن التحدي الذي يواجهه السكان، حيث لم تُصمّم الكثير من الأبنية التقليدية لمواكبة هذه المتطلبات، لذا أصبح من الضروري إعادة ضبط المساحات الداخلية بحيث تُراعي عناصر مثل جودة الهواء ودرجة الإضاءة ومستوى الضوضاء، فتدعم راحة السكان وترفع من كفاءتهم.

أما البنية التحتية الذكية، لا سيما المدعومة بتقنيات إنترنت الأشياء (IoT)، فتمنح الأدوات اللازمة للارتقاء بأداء الأبنية وجعلها أكثر صحة ومرونة.

ومن خلال أنظمة متصلة وأجهزة استشعار ذكية، يمكن التحكم بالظروف الداخلية بدقة عالية ووفقاً لنمط الاستخدام والتوقيت، سواء كان ذلك في مكاتب تعزز التركيز، أو مستشفيات توفر ظروفاً مثالية للمرضى، أو فنادق تُسهم في راحة النزلاء ونومهم الجيد.

ولا تتوقف هذه الإمكانات عند المشاريع الجديدة فقط، إذ بات من الممكن تحديث المباني القائمة باستخدام تقنيات لاسلكية قابلة للتوسع، تحقق نقلة نوعية بأقل قدر من التداخل مع الأنشطة اليومية.

ويمتد تأثير هذه الجهود إلى أبعد من حدود المباني، ليعزز صحة الأفراد ويعود بالنفع على المجتمعات. فالمساحات عالية الجودة لا تقلل من استهلاك الموارد فحسب، بل تخفض من تكاليف التشغيل وتدعم رفاهية العائلات على المدى الطويل، ما يدعم أسس بيئة مترابطة وأكثر استدامة.

ومع تنامي الاهتمام بصحة المستخدمين، تتسارع وتيرة تبنّي معايير الصحة والعافية للأبنية على نطاق أوسع. ويعكس الانتشار المتزايد لشهادات مثل «WELL» هذا التوجه لدى المطورين والمستثمرين الذين باتوا ينظرون إلى الصحة كمكوّن أساسي لا يمكن الاستغناء عنه.

في النهاية، لابد من إعادة تعريف جودة المباني من منظور أعمق، عبر جعل صحة الإنسان بوصلة توجه عملية التطوير والتصميم. فالمستقبل يتطلب أن خلق بيئات تُتيح للناس أن يتنفسوا بشكل أفضل، ويعملوا بكفاءة أكبر، وينعموا بنوعية حياة مستدامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى