نزوح وموت.. قتلى في قصف إسرائيلي على خيام بخان يونس

في ساعة متأخرة من الليل، تحولت خيمة كانت تأوي عائلات نازحة بخان يونس إلى كتلة من اللهب، بعد أن استهدفتها طائرات إسرائيلية بقصف مباشر.
القصف خلّف عشرة قتلى على الأقل وعددًا من الجرحى، في مشهد يلخص المأساة التي يعيشها سكان قطاع غزة منذ أكثر من ستة أشهر من القصف والتهجير والمجاعة.
الخيمة، التي كانت في منطقة المواصي – واحدة من المناطق المصنفة “آمنة” نسبيًا بحسب التصنيفات الإسرائيلية – لم تكن سوى ملجأ مؤقت لأسر هجّرتها الغارات المتواصلة، لكنها تحولت في لحظة إلى محرقة، حيث تفحمت جثامين القتلى بفعل اشتعال النيران.
وقد نُقلت جثامين الضحايا والمصابين إلى مستشفى ناصر في خان يونس، وهو مستشفى يعاني أصلًا من نقص حاد في المعدات والأدوية نتيجة الحصار ومنع دخول المساعدات الطبية.
مأساة مزدوجة للنازحين
لم تكن هذه الغارة الوحيدة خلال الساعات الماضية. ففي وسط القطاع، قُتل مواطن وأصيب آخرون في قصف استهدف تجمعًا للمدنيين غرب دير البلح.
بينما سقط أربعة قتلى على الأقل في قصف بطائرات مسيّرة استهدف مناطق سكنية في دير البلح وخان يونس.
وتواصلت الضربات الجوية على مختلف أنحاء القطاع، حيث استهدف الجيش الإسرائيلي حيّ الأمل غرب خان يونس.
وشن غارات جوية أخرى على محيط حي قديح في عبسان الكبيرة، ما أسفر عن عدد إضافي من الإصابات والدمار الواسع.
وفي حيّ التفاح شرقي مدينة غزة، أسفر قصف جديد عن مقتل عدد من المواطنين، معظمهم أُصيبوا بجراح خطيرة، في مشهد يتكرر يوميًا تحت غطاء الحرب المفتوحة التي تخوضها إسرائيل على القطاع.
نصف مليون نازح في شهر
في موازاة القصف، تتزايد أعداد النازحين في غزة بشكل هائل، بفعل استئناف العمليات العسكرية الإسرائيلية بعد انهيار اتفاق وقف إطلاق النار.
وبحسب تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، نزح ما يقارب 500 ألف فلسطيني من منازلهم منذ منتصف مارس/آذار، أي خلال أقل من شهر.
وذكر التقرير أن مئات آلاف الفلسطينيين اضطروا للنزوح المتكرر في ظل غياب أي مناطق آمنة، ووسط انهيار شبه تام للبنية التحتية، وانعدام الغذاء والماء والدواء.
وفي مشاهد تعكس عمق الكارثة، أفادت فرق الأمم المتحدة التي زارت مواقع النزوح في خان يونس أن النازحين يعيشون في ظروف مأساوية داخل ملاجئ مكتظة، حيث لا توجد خيام كافية، ولا مياه صالحة للشرب، ولا أغذية كافية، بل وحتى الأغطية أصبحت نادرة.
حصار مزدوج على الحياة
ورغم الكارثة الإنسانية، تواصل إسرائيل رفضها لتنسيق دخول قوافل المساعدات الإنسانية.
ففي اليوم ذاته الذي شهد القصف على الخيمة، وافقت سلطات الاحتلال على تحرك إنسانيين فقط من أصل 6 بعثات مخطط لها، في حين رفضت 4 بعثات أخرى، بينها واحدة كانت مخصصة لجلب الوقود من معبر رفح.
هذا التعطيل المتعمد لإدخال المساعدات الحيوية أدى إلى انهيار النظام الصحي في القطاع، حيث لم تعد المستشفيات قادرة على استقبال الجرحى أو توفير العلاج للمرضى.
كما حذّرت الأمم المتحدة من تفاقم سوء التغذية الحاد، مع تراجع عدد الأطفال الذين يحصلون على التغذية التكميلية بأكثر من الثلثين في شهر مارس وحده.
الموت بصمت
ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تعيش غزة تحت وقع عدوان إسرائيلي دمّر أجزاءً واسعة من القطاع، وأسفر عن مقتل وإصابة أكثر من 167 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال.
ومع استمرار إسرائيل في إغلاق المعابر ومنع دخول الغذاء والماء، بات أكثر من نصف سكان القطاع مهددين بالموت جوعًا أو قصفًا أو مرضًا.
وما بين نيران الطائرات ونقص الخيام والأدوية وندرة الغذاء، تتكرس في غزة اليوم ملامح كارثة إنسانية غير مسبوقة، تشهدها أعين العالم، دون أن تتبعها استجابة دولية فاعلة توقف الموت وتعيد للمدنيين بعضًا من كرامة الحياة.
aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز