من يحكم بوابة الناتو الشرقية مع روسيا؟.. رومانيا تصوت وأوروبا تترقب

استحقاق انتخابي رئاسي تشهده رومانيا، الشهر المقبل، يُنظر إليه على أنه اختبار للأمن الأوروبي الأطلسي.
فالبلد الواقع على الجناح الشرقي لحلف الناتو أصبح في قلب معركة جيوسياسية محتدمة، مع تصاعد نفوذ مرشحين من أقصى اليمين يتبنون خطابا مؤيدا لروسيا.
وقالت صحيفة “ديلي إكسبريس” البريطانية، إن الانتخابات المقررة في مايو/آيار القادم، تأتي في ظل تصاعد التوترات بين الغرب وروسيا، حيث تعتبر رومانيا دولة محورية على الجناح الشرقي للناتو، و”تمثل خط دفاع رئيسي ضد أي محاولات روسية للتأثير”.
وشهدت رومانيا في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، انتخابات رئاسية مثيرة للجدل، حيث ألغت المحكمة الدستورية نتائج الجولة الأولى بسبب مزاعم تدخل روسي واسع النطاق في العملية الانتخابية.
وكان المرشح كَالين جورجيسكو، من أقصى اليمين، والمعروف بتصريحاته المؤيدة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد تمكن من تحقيق مفاجأة بفوزه في الجولة الأولى.
ووفق ما طالعته “العين الإخبارية” في الصحيفة، فقد أظهرت وثائق سرية صادرة عن مجلس الأمن القومي الروماني أن البلاد “تعرضت لهجمات سيبرانية روسية تهدف إلى زعزعة استقرار النظام السياسي وتعزيز نفوذ موسكو في قلب أوروبا”.
مرشح آخر يخيف أوروبا
وبعد استبعاد جورجيسكو من السباق الانتخابي، برز مرشح جديد هو جورج سيميون، زعيم حزب “تحالف من أجل اتحاد الرومانيين” (AUR)، وهو حزب من أقصى اليمين، يتمتع بشعبية متزايدة، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى تقدمه في السباق الرئاسي.
ويثير صعود سيميون قلقًا بالغًا في بروكسل والعواصم الغربية، خاصة مع الاتهامات المتكررة التي تشير إلى علاقاته المشبوهة مع أجهزة الاستخبارات الروسية، وهو ما ينفيه بشدة.
كما أنه ممنوع من دخول أوكرانيا ومولدوفا، بسبب دعواته لاستعادة أراضٍ من هذين البلدين، وهو موقف يثير توترات إضافية في المنطقة.
وعلى الرغم من محاولاته الأخيرة لتغيير صورته وابتعاده عن التصريحات المؤيدة لروسيا، إلا أن مواقفه السابقة المناهضة لتقديم الدعم العسكري والسياسي لأوكرانيا تثير شكوكا حول مدى استقلاليته عن التأثير الروسي.
يُذكر أن حزب تحالف من أجل اتحاد الرومانيين الذي يقوده سيميون تأسس عام 2019، وحقق خلال السنوات الأخيرة مكاسب انتخابية كبيرة، مستفيدًا من حالة الاستياء الشعبي تجاه النخبة السياسية التقليدية، وازدياد المشاعر القومية والدينية في البلاد.
ويعتمد الحزب على خطاب معادٍ للهجرة، ومناهض للغرب، ويروج لنظريات مؤامرة حول دور الاتحاد الأوروبي والناتو في الشؤون الرومانية.
الآثار المحتملة
يرى كثير من المراقبين أن فوز مرشح يطبع العلاقات مع موسكو — أو حتى تخفيف حدة الدعم لأوكرانيا — سيشكل رسالة قوية لسائر أعضاء الحلف الأوروبي والأطلسي.
وفي بروكسل، يراقب قادة المؤسسات الأوروبية هذه الانتخابات عن كثب، إذ تشهد رومانيا حاليًا ضغوطًا مالية كبيرة، وارتفاعًا ملحوظًا في سعر الطاقة، إضافةً لموجات تضخم أثّرت بشكل خاص على الطبقة المتوسطة والفقيرة.
وقد تستغل الأحزاب اليمينية هذه المعاناة الاقتصادية لتقديم وعود سريعة بدعم موسكو للطاقة والغاز الروسي بأسعار مخفضة. وفق المصدر.
الناخبون بين حسم القرار وانتظار المعركة الإعلامية
تظهر أحدث استطلاعات الرأي أن نحو 40 في المائة من المقترعين لم يحسموا خياراتهم بعد، ما يفتح الباب أمام حملات انتخابية مكثفة وفُرص كبيرة للتأثير على هذا الشريحة الحيوية.
وتُكثّف الأحزاب الكبرى من حضورها الإعلامي، بينما يواصل سيميون حملته الرقمية عبر تطبيقات الرسائل الفورية لجذب قاعدة الناخبين الشابة والريفية.
وتتراوح فرص المرشحين بين جورج سيميون، وكريين أنطونيسكو، مرشح الحزب الحاكم، والمرشح المستقل الوسطي نيكوسور دان، والوطني اليساري فيكتور بونتا، ما يجعل السباق مفتوحًا على احتمالات متعددة.
لكن تصاعد شعبية أحزاب أقصى اليمين التي تتبنى خطابًا قوميًا ومعاديًا للغرب أحيانًا، يثير قلقًا متزايدًا بين صناع القرار في أوروبا.
aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز