تقنية

خارطة طريق جريئة لرد اعتبار «صنع في فرنسا».. شركات الظل تخرج عن صمتها


في وقت تتراجع وتيرة إعادة التصنيع في فرنسا وتخفت الأصوات المطالبة بإحياء الصناعة الوطنية، خرجت الشركات ذات الحجم المتوسط عن صمتها لتقترح خارطة طريق جريئة تُعيد الاعتبار للإنتاج الفرنسي.



وكشف تقرير حديث، أعدّه خبراء، عن الخطوات العاجلة التي ترى هذه الشركات الفرنسية أنها ضرورية لعكس مسار التراجع الصناعي في فرنسا.

عكس مسار التراجع 

ويُظهر التقرير الذي أعدّته الشركات متوسطة الحجم بالتعاون مع الخبير الصناعي أوليفييه لوانسي، وعرضته صحيفة “ليزيكو”، أن هذه الفئة من الشركات – والتي تمثّل عمادًا صناعيًا مهمًّا في الاقتصاد الفرنسي – تشعر بقلق بالغ حيال مستقبل الصناعة المحلية. فمع أكثر من 6200 شركة متوسطة، أكثر من نصفها ناشطة في المجال الصناعي، وتمثّل ما يقارب 35% من الوظائف الصناعية، نجد أنفسنا أمام فاعل اقتصادي لا يمكن تجاهله.

والقلق في محلّه، إذ تشير أرقام المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية (Insee) إلى تراجع بنسبة 2.9% في تسجيل الشركات الجديدة خلال الربع الأول من عام 2025 مقارنةً بالفترة نفسها من 2024.

هذا التراجع ليس هامشيًّا؛ بل يُعد ناقوس خطر في وقت تتأرجح فيه فرنسا بين تباطؤ اقتصادي داخلي وسياق دولي متأزّم، لا سيّما في ظل استمرار الحروب التجارية والحمائية المتصاعدة منذ بدء عهد الرئيس الأمريكية دونالد ترامب.

أما القطاع الأكثر تضرّرًا، فهو الشركات الفردية الكلاسيكية، التي انخفضت بنحو 17.4%. وقد يكون السبب الرئيسي هنا هو التردّد والارتباك الناجم عن التغييرات الضريبية المقترحة، لا سيّما ما يخصّ عتبة الضريبة على القيمة المضافة (TVA) للمبادرين الصغار.

فبينما أطلق وزير الاقتصاد الفرنسي مشروع إصلاح طموحًا يستهدف خفض سقف الضريبة، قوبل المقترح بموجة انتقادات من المهنيين ونواب البرلمان، ما أدّى إلى تجميد القرار حتى 1 يونيو/حزيران.

غموض البيئة التنظيمية

وهذا الغموض في البيئة التنظيمية يزيد من هشاشة مناخ الأعمال، ويؤثّر سلبًا على الروح الريادية التي تُعد شريان الحياة لأي اقتصاد منتج. ومع توقّف النمو في قطاعات صناعية حيوية، فإن الحاجة إلى خطة إنقاذ وطنية للصناعة تبدو أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.

وهنا يأتي دور الشركات المتوسطة، التي تسعى لإعادة الاعتبار لمفهوم “صُنع في فرنسا” من خلال حلول عملية، تستند إلى الواقع، وتضع التنمية الإقليمية، والابتكار، والتكامل بين الفاعلين في صُلب أولوياتها.

إذا أرادت فرنسا بالفعل أن تستعيد مكانتها الصناعية في أوروبا والعالم، فعليها أن تُصغي لصوت الشركات المتوسطة، لا سيّما في الأقاليم خارج باريس، حيث لا تزال الكفاءات والقدرات الصناعية قائمة، تنتظر فقط الدعم والرؤية السياسية.

من جانبه، قال جان بيساني-فيري، كبير الباحثين في معهد بروغل في بروكسل، ومستشار اقتصادي سابق للحكومة الفرنسية، لـ”العين الإخبارية”: إن “ما تقترحه الشركات المتوسطة يُظهر وعيًا عميقًا بديناميكيات الاقتصاد الحقيقي في فرنسا”.

وأشار إلى أن المشكلة ليست فقط في ضعف الاستثمار العام، بل في غياب استراتيجية صناعية متكاملة تشمل الأقاليم. الشركات المتوسطة قادرة على أن تكون محرّكًا حقيقيًا لإعادة التوازن الجغرافي والتكنولوجي في الاقتصاد الفرنسي، لكن الدولة مطالَبة بتوفير بيئة ضريبية وتنظيمية أكثر استقرارًا.

بدوره، رأى فرانسوا جيسبير، اقتصادي صناعي في مركز الدراسات المستقبلية والبحث في الاقتصاد، لـ”العين الإخبارية”، أن “الإحصاءات الأخيرة عن تراجع تسجيل الشركات تُنبئ بخطر طويل الأمد على قاعدة الاقتصاد الحقيقي في فرنسا”.

وأضاف أن الإصلاحات الضريبية العشوائية، خصوصًا تلك المتعلقة بالـ TVA، تخلق حالة من اللايقين تضرّ بالمبادرات الصناعية. ما تقترحه الشركات المتوسطة هو نوع من المقاومة الذكية التي تنبع من عمق السوق، لكن يجب ألّا تُترك وحدها.

aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA== جزيرة ام اند امز NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى