تقنية

تحالف الساحل.. نظام أمني بديل أم «عسكرة بلا إمكانات»؟


دول الساحل تعمل على وضع أسس تكامل عملياتي بينها في إطار مساعيها لـ«الدفاع عن نفسها»، في خطوة تحرك قراءات متباينة.

وفيما يرى محللون أن الاجتماع الأخير لرؤساء أركان دول الساحل، والذي ضم مالي وبوركينا فاسو والنيجر، يمثل خطوة رمزية وربما يعكس «عسكرة مستمرة في هذه البلدان»، يرى آخرون أنها خطوة جريئة لتشكيل دفاع مشترك وتعظيم السيادة الوطنية بعد الانفصال عن فرنسا والغرب.

وتسعى الدول الثلاث إلى «وضع أسس تكامل عملياتي لقواتها الجوية، وتعزيز تبادل المعلومات الاستراتيجية، وتطوير قدرات مشتركة لمراقبة الأراضي، والتحضير لعمليات منسقة ضد الجماعات المسلحة الإرهابية»، وفق القوات المسلحة المالية.

وفي الفترة من 13 إلى 17 أبريل/نيسان، احتضنت بوركينا فاسو الاجتماع الأول لرؤساء أركان القوات الجوية لأعضاء تحالف دول الساحل «AES»، الذي يضم مالي والنيجر وبوركينا فاسو، والذي تأسس في 2023.

خطوة جريئة

وتعليقًا على هذا الاجتماع والتحالف الذي يمثله، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة باماكو، محمد أغ إسماعيل، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن «تحالف الساحل يمثل خطوة جريئة في اتجاه السيادة الحقيقية»، مشددًا على أن دول المنطقة «باتت عازمة على بناء أمن مستقل بمعزل عن الهيمنة الفرنسية والغربية، بعد عقود من الاعتماد على القوى الخارجية دون تحقيق الأمن المنشود».

وأضاف: «لقد أدركت هذه الدول أن مصالحها لا يمكن أن تُحمى إلا بإرادتها الذاتية، بعيدًا عن الوصاية القديمة التي لم تجلب سوى عدم الاستقرار».

ولفت أغ إسماعيل إلى أن الانتقادات الغربية لتحالف الساحل تعكس مخاوف باريس من فقدان نفوذها التقليدي في المنطقة، مؤكدًا أن الشعوب لم تعد تثق بالشعارات التي ترفعها فرنسا باسم «الديمقراطية» و«حقوق الإنسان»، بينما كانت تغض الطرف عن الفساد وانعدام التنمية طيلة سنوات من دعمها للأنظمة السابقة.

ومضى قائلًا: «الشعوب في مالي والنيجر وبوركينا فاسو باتت ترى في التحالف العسكري الجديد تعبيرًا عن الكرامة الوطنية واستعادة القرار السيادي».

نظام أمني بديل؟

من جانبه، قال باتريس بوشار الباحث الفرنسي في «معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية» (IRIS) لـ«العين الإخبارية»، إن تحركات الدول الثلاث «تعكس رغبة في إعادة كتابة الرواية الوطنية بأسلوب عسكري، مما قد يؤدي إلى تعزيز النزعة الاستبدادية في المنطقة».

وتابع بوشار أن «هذه الأنظمة العسكرية تسعى لتطبيق معايير عسكرية على المجتمع المدني، مما قد يؤدي إلى تآكل المؤسسات الديمقراطية».

واعتبر الباحث السياسي الفرنسي أن عسكريي الساحل «لا يملكون خارطة طريق واضحة لبناء دولة مؤسسية. بل إنهم، في كثير من الأحيان، يعيدون تدوير خطاب مقاومة الهيمنة الغربية، ويستندون إلى لغة السيادة والكرامة الوطنية، ويبحثون عن نماذج بديلة للتحالفات الأمنية، بعيدًا عن فرنسا وشركائها الأوروبيين».

بدوره، قال فرانسوا جودمان، المحلل في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (IFRI)، لـ«العين الإخبارية»، إن «الانقلابات العسكرية في الساحل غالبًا ما تؤدي إلى زعزعة استقرار الجيش نفسه، وتقسيمه بين مؤيدين ومعارضين، مما يخلق بيئة خصبة للجماعات الجهادية للاستفادة من الفوضى».

وتابع أن «إنشاء تحالف الساحل يعكس رغبة هذه الدول في بناء نظام أمني بديل»، لكنه حذر من أن «هذا التحالف قد يفتقر إلى الموارد والخبرة اللازمة لمواجهة التحديات الأمنية المعقدة في المنطقة».

aXA6IDE4NS4yNDQuMzYuMTM3IA==

جزيرة ام اند امز

NL

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى